بعد صدور المراسيم التنفيذية المتعلقة بامتيازات الجنوب والهضاب في 09 جوان 2012، وهي المرسوم التنفيذي رقم 13-210 المعدل والمتمم لبعض أحكام المرسوم التنفيذي رقم 95-28، المحدد للامتيازات الخاصة الممنوحة للعمال في ولايات الجنوب الكبير (أدرار، تمنراست، اليزي وتندوف)، والمرسوم التنفيذي رقم 13-211 المعدل والمتمم لبعض أحكام المرسوم التنفيذي والمرسوم التنفيذي رقم 95-300 المحدد للامتيازات الخاصة الممنوحة للعمال في ولايات الجنوب (بشار، ورقلة، البيض، النعامة، غرداية، الاغواط، والوادي، وفي بعض بلديات ولايتي الجلفة وبسكرة)، والمرسوم التنفيذي رقم 13-212 المعدل والمتمم لبعض أحكام المرسوم التنفيذي رقم مرسوم 95-330، المحدد للامتيازات الخاصة الممنوحة للعمال في ولايات الاوراس (خنشلة، المسيلة، تبسة، سعيدة، قالمة، تيارت، باتنة، أم البواقي، تيسمسيلت، سوق أهراس وبعض بلديات ولايتي الجلفة وبسكرة)،
ان منحة أو تعويض المنطقة الجغرافية، هي منحة قديمة جدا يعود تاريخها الى 23 مارس 1965، وهو تاريخ صدور المرسوم الرئاسي رقم 65-83، والمتضمن منح “تعويض الشمس” خاص بالموظفين المدنيين الذين يتقاضون رواتبهم من ميزانية الدولة والمعينين في عمالتي الواحات ( ولايات الجنوب الشرقي) والساورة(ولايات الجنوب الغربي)، وحسب هذا المرسوم السابق ذكره فان موظفو الدولة القائمين بالخدمة في عمالتي الواحات والساورة يتقاضون اضافة الى راتبهم تعويضا خصوصيا شهريا من ميزانية الدولة بأثر رجعي بدءا من 01 مارس 1963، هذا التعويض تتراوح نسبته بين (48 – 160)، حسب أصناف العمال أرقامهم الاستدلالي.
ومع صدور القانون رقم 78-12 المؤرخ في 05 أوت 1978، والمتضمن القانون الاساسي العام للعامل (SGT)، تم استحداث “تعويض المنطقة” كبديل لتعويض الشمس الذي كان سابقا، وقد جاء الفصل الثالث من القانون 78-12 تحت اسم “تعويض المنطقة”، وقد حددت المادتين 163 و164 منه كيفيات تطبيق تعويض المنطقة، فالمادة 163 نصت على انه “يترتب حق تعويض المنطقة على المناصب العمل الواقعة في المناطق، او قطاعات النشاط، او الوحدات الاقتصادية او مشاريع التنمية وكذا المؤهلات التي لها الاولوية في مخططات التنمية وتحدد كيفيات منح هذا الحق بموجب مرسوم”, وفعلا بعد 04 سنوات صدر المرسوم التنفيذي رقم 82-183، المؤرخ في 15 ماي 1982, والمتضمن كيفيات حساب تعويض المنطقة، الذي وضع المعايير والمعاملات الواجب تطبيقها لحساب تعويض المنطقة، وأهمها: قطاع النشاط (من 50 الى 200) من المؤهلات المهنية (من 50 الى 100) طبيعة وموقع العمل (من 10 الى 100)، عدد العمال في موقع العمل (من 0 الى 20)، العزلة العائلية(من 10 الى 50).
ولحساب نسبة تعويض المنطقة تطبق الصيغة التالية:
مجموع المعاملات المحصلة (م م)
تعويض المنطقة = ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ × النسبة المئوية
1000
لتعويض المنطقة × الاجر الاساسي
وعليه وبعد تطبيق المعايير المعقدة الواردة في المرسوم التنفيذي رقم 82-183 السالف ذكره، فإننا نجد أن تعويض منحة المنطقة يكون متغيرا من ولاية لأخرى بين الجنوب والهضاب، ومن بلدية لأخرى داخل الولاية نفسها، وتحتسب منحة المنطقة على أساس نسبة مئوية من الأجر القاعدي المنصوص عليه في الشبكة الاستدلالية لمرتبات الموظفين ونظام دفع رواتبهم لسنة 1989. وقد تم تقسيم بلديات ولايات الجنوب والهضاب المستفيدة من منحة المنطقة الى 03 أقسام (أ، ب، ج) وكل قسم ضم 03 أقسام فرعية (مثلا القسم أ قسم الى أ1، أ2، أ3)، وعموما فان النسبة المئوية لتعويض المنطقة محصورة بين نسبة دنيا هي 7% ونسبة عليا هي 35%، كما يلي:
القسم أ: يضم الاقسام الفرعية: أ= 35% / أ = 31.5 % / أ = 28%
القسم ب:يضم الاقسام الفرعية: ب= 24.5 % / ب2 =21 %/ ب=17.5 %
القسم ج: يضم الاقسام الفرعية: ج = 14% / ج = 10.5% / ج3 = 7%
أما المادة 164 من القانون 78-12 المتضمن القانوني الاساس العام للعامل، فقد نصت على:” ان قوائم المناطق ومناصب العمل المعزولة واماكنها وقطاعات النشاط والمشاريع والوحدات الاقتصادية والمؤهلات التي تمنح العمل فيها الحق في تعويض المنطقة تحدد بموجب مرسوم،
تتمم قوائم المناطق وتعدل على الشكل نفسه عند الضرورة وتبعا لحاجات التنمية الاقتصادية وتطور المناطق وقطاعات النشاط والمشاريع او المؤهلات التي يشملها الامتياز.
ويتضمن المرسوم ايضاح المستويات القصوى لتعويضات المنطقة”
ولتحديد قائمة البلديات التي تعطي الحق للموظفين العاملين بها في تعويض المنطقة، جاء المرسوم التنفيذي رقم 93-130 المؤرخ في 14 يونيو1993، الذي يتضمن ضبط قائمة المناطق التي تخول الحق في تعويض المنطقة المنصوص عليه في المرسوم رقم 82-183 المؤرخ في 15 مايو سنة 1982 والمتعلق بكيفيات حساب تعويض المنطقة، والذي تم اجراء تعديلات عليه من خلال ثلاث مراسيم تنفيذية هي:
1 -مرسوم تنفيذي رقم 95-90 مؤرخ في 25 مارس 1995.
2 -مرسوم تنفيذي 96-62 مؤرخ في 27 يناير 1996.
3 -مرسوم تنفيذي رقم 97-246 مؤرخ في 08 يوليو 1997.
وعموما فان تعويض المنطقة او منحة المنطقة، المنصوص عليه في القوانين والمراسيم السابق ذكرها تشمل 22 ولاية هي: تمنراست – إليزي – أدرار – تندوف – ورقلة – بشار- الوادي – بسكرة – غرداية – الأغواط – البيّض – النعامة – خنشلة – تبسة – سعيدة – سوق أهراس – تيارت – باتنة – تسمسيلت – المسيلة – الجلفة – قالمة.
إن هاته المنحة لم يحدث عليها أي تعديل أو تحيين لا في قيمتها او نسبتها منذ تاريخ اقرارها، أي منذ أكثر من 32 سنة، فهي لحد الان لا زالت تُحتسب على أساس الأجر القاعدي القديم لسنة 1989. وهذا على الرغم من تغيير الشبكة الاستدلالية لأجور الموظفين ومرتباتهم ثلاث مرات سنة 2002 وسنة 2007 واخيرا سنة 2022 إلا أن الحكومة ما زالت مصرة على احتساب تعويض المنطقة على أساس الأجر القاعدي لسنة 1989، غير مبالية بمطالب عمال الجنوب، ففي سؤال كتابي للنائب عن ولاية الوادي: داسي موساوي وجهه للوزير الاول عبد المالك سلال أنذاك حول الاسباب التي تحول دون تحيين تعويض المنطقة لمستخدمي قطاع الوظيف العمومي، كان الرد كما يلي:” الحكومة قررت عدم إعادة النظر في منحة المنطقة في الوقت الرهن، لأن إعادة تفعيل تعويضات جانبية كرّستها منظومة قانونية مجمدة منذ 1989 ليس له ما يبرره بالنظر إلى وجود نظام تعويضي مماثل أسس بموجب المنظومة القانونية لسنة 1995، كما أن الزيادات في الأجور الناجمة عن مراجعة وعاء حساب هذا التعويض سيؤدي إلى اختلالات في نظام الأجور، وكذا النظام التعويضي للموظفين والأعوان العموميين، بمن فيهم العاملين في الجنوب وفي الهضاب العليا، إن مراجعة وعاء حساب تعويض المنطقة، ينجم عنه أثر مالي كبير يهدد التوازنات المالية للدولة، ان الحكومة تسعى إلى إجراء تقييم شامل للمنظومة القانونية المتعلقة بالنظام التعويضي الخاص بمناطق الجنوب والهضاب العليا للحافظ على سلامته وانسجامه مع النظام التعويضي العام.”
من خلال رد الوزير الاول في ذلك الوقت يظهر ان الحكومة الجزائرية في عهد الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة تعتقد بأن عمال الجنوب بصدور المراسيم التنفيذية لمنحة الامتياز سنة 2012 والمخلفات المالية التي نجمت عنها يكونون قد استفادوا من حقوقهم كاملة وما عليهم الا نسيان منحة المنطقة لان تحيينها غير ممكن لسببين حسب الحكومة دائما هما:
1-تعويض المنطقة هو تعويض جانبي كرسته منظومة قانونية مجمدة منذ 1989، بمعنى ان الحكومة تريد التخلص من هذا النظام التعويضي بإهماله وعدم تحيينه.
2-ان تحيين تعويض المنطقة ينجم عنه أثر مالي كبير يهدد التوازنات المالية للدولة، وان مراجعة وعاء حساب هذا التعويض سيؤدي إلى اختلالات في نظام الأجور، وكذا النظام التعويضي للموظفين والأعوان العموميين وهو بيت القصيد لان القضية متعلقة بالأثر المالي الذي سينجم عن التحيين، فصرف النظر الحكومة عن تحيين المراسيم المتعلقة بتعويض المنطقة لا علاقة له بانها قديمة وتعود لسنة 1978 و1983و1993، وانما القضية مالية بحتة.
والان بعد رحيل النظام السابق وابعاد رموزه عن الحياة السياسية وتحسن الوضع الاقتصادي والمالي للدولة. وامام تدهور القدرة الشرائية للمواطن خاصة في الجنوب الجزائري. لم يعد هناك مبررا للحكومة في قضية تحيين منحة المنطقة .
ان تحيين تعويض المنطقة واعادة النظر فيه سيبقى مطلب لكل عمال الجنوب، وعلى رئيس الجمهورية أن يشرع في تنفيذ تعهداته وعلى الحكومة أن تسعى إلى إجراء تقييم شامل للمنظومة القانونية المتعلقة بالنظام التعويضي الخاص بمناطق الجنوب والهضاب العليا للحافظ على سلامته وانسجامه مع النظام التعويضي العام، نعم هو مطلب محق وعادل فليس معقولا ولا منطقيا أن يكون هناك نظامين تعويضيين في مناطق الجنوب والهضاب أحدهما تم تحيينه سنة 2012، ويستفيد منه بعض الموظفين فقط المصنفين في الصنف 7 بولايات الجنوب الكبير والصنف 11 في باقي الولايات (منحة الامتياز)، بينما النظام التعويضي الثاني يتعلق بتعويض المنطقة وهو نظام لم يتم تحيينه منذ 32 سنة، وهو النظام الشامل، الذي يستفيد منه كل الموظفين والعمال العاملين في مناطق الجنوب والهضاب، وهو التعويض الاصل والذي كرسته قوانين ومراسيم رئاسية، والذي كان يعرف سنة 1963 ب”تعويض الشمس”. فالحكومات السابقة كانت تتهرب من مسؤولياتها اتجاه عمال الجنوب وترفض الاستجابة لمطالبهم المشروعة فتعويض المنطقة أستحدثه الرئيس الراحل الهواري بومدين رحمه الله، في محاولة منه لتحقيق العدالة الاجتماعية والتوازن الجهوي بين كافة مناطق الجزائر، فلا يعقل ان يكون تعويض المنطقة حاليا يتراوح بين 500.00 د.ج الى 1500.00 د.ج وهو مبلغ زهيد لا يرقى الى المعاناة والصعوبات البالغة التي تواجه العمال في أماكن العمل جراء الحرارة المرتفعة والعزلة وغلاء المعيشة، وعدم توفر وسائل النقل وأساسيات الحياة، فمثلا الأسعار في مناطق الجنوب والمناطق النائية وأرياف الهضاب، لا يمكن مقارنتها البتة بالمناطق الساحلية لشمال الوطن.
وفي الختام فان الحكومة الجزائرية مطالبة اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن تأخذ زمام المبادرة لإعادة النظر في النظام التعويضي بولايات الجنوب والهضاب، بما يكفل تعميم الاستفادة على كل العمال وتحيين المراسيم القديمة.
منحة المنطقة للجنوب حق للعمال مسلوب
المصادر والمراجع:
المراسيم الخاصة بتعويض المنطقة:
أ-القانون رقم 78-12 المؤرخ في 05 أوت 1978، والمتضمن القانون الاساسي العام للعامل.
الجريدة الرسمية عدد 32 المؤرخة في 08 أوت 1978، الصفحة 724.
ب-المرسوم رقم 82-183 المؤرخ في 15 مايو 1982، المتضمن كيفيات حساب تعويض المنطقة. الجريدة الرسمية عدد 20 المؤرخة في 18 مايو 1982، الصفحة 1051.
ج-المرسوم التنفيذي رقم 93-130 المؤرخ في 14 يونيو 1993، المتضمن ضبط قائمة المناطق التي تخول الحق في تعويض المنطقة المنصوص عليه في المرسوم رقم 82-183 المؤرخ في 15 مايو سنة 1982 والمتعلق بكيفيات حساب تعويض المنطقة. الجريدة الرسمية عدد 40 المؤرخة في 16 يونيو 1993، الصفحة 4.
المعدل بـــ:
ج-1-المرسوم التنفيذي رقم 95-89 المؤرخ في 25 مارس 1995، يتمم المرسوم التنفيذي رقم 93-130 المؤرخ في 14 يونيو سنة 1993 والمتضمن ضبط قائمة المناطق التي تخول الحق في تعويض المنطقة. (يعدل في بعض بلديات خنشلة). الجريدة الرسمية عدد 18، المؤرخة في 05 أبريل 1995، الصفحة 8.
ج-2-المرسوم التنفيذي رقم 96-62 المؤرخ في 27 يناير 1996، يعدل المرسوم التنفيذي رقم 93-130 المؤرخ في 14 يونيو سنة 1993 والمتضمن ضبط قائمة المناطق التي تخول الحق في تعويض المنطقة. (يعدل في بعض بلديات ورقلة). الجريدة الرسمية عدد 07، المؤرخة في 28 يناير 1996، الصفحة 11.
ج-3-المرسوم التنفيذي رقم 97-246 المؤرخ في 08 يوليو 1997، يعدل المرسوم التنفيذي رقم 93-130 المؤرخ في 14 يونيو سنة 1993، والمتضمن ضبط قائمة المناطق التي تخول الحق في تعويض المنطقة. (يعدل في بعض بلديات ورقلة). الجريدة الرسمية عدد 46 المؤرخة في 09 يوليو 1997، الصفحة 5.
الجدولين المرفقين للتوضيح منقولين من بعض الصفحات النقابية.