ظاهرة الهوليجانز المدرسي في نهاية السنة الدراسية
العابد الكنتي
2014-10-24
تربية, تشريع مدرسي
111 زيارة
يبدأ المشهد المتكرر بمجرد انتهاء امتحانات الفصل الثالث والأخير، فتتجمع جحافل التلاميذ أمام أسوار المدارس، و تنطلق الهتافات المنددة بالدراسة والمدرسة والمدرسين، بعدها تبدأ الاحتفالات الصاخبة بحرق المآزر و تمزيق الدفاتر و الكراريس ورشق بوابة الحرم المدرسي بالحجارة و التفنن في إظهار الغضب و التذمر في انتظار خروج الأساتذة و المعلمين ووو….والبقية يعرفها الجميع.
لكن السؤال الملح الذي يفرض نفسه، من المتسبب في هذه الظاهرة ؟
قبل محاولة الإجابة على هذا السؤال يجب أن نتعرف جيدا و عن كثب على أبطالها أولا.
-
تلاميذ و طلبة راسبون، أو موجهون إلى الحياة العملية ، أمضوا عامهم الدراسي و هم ينهلون من قاموس مفرداته : غائب ، متأخر ، إنذار ، توبيخ ، استدعاء ولي الأمر ، التنبيه ، المبرر …الخ, وبالتالي فالانتقال و الرسوب في نظرهم سواء.
-
تلاميذ أمضوا أكثر أوقاتهم واقفين أمام مكتب مستشار التربية أو جالسين على أرصفة الطرق أكثر من جلوسهم على المقاعد داخل الأقسام, وبالتالي لا تمثل لهم المدرسة شيئا بل هي عبء وجب التخلص منها ومما فيها.
-
تلاميذ كتبوا و”خربشوا” على جدران المدرسة و قاعات الدرس و الكراسي و الطاولات أكثر مما كتبوا و “خربشوا” في دفاترهم. هم ببساطة مشاغبون.
فمن الذي يدفع الثمن ؟ …
أساتذة ، معلمون ، مربون ….
كراعي شجرة الجوز، يتعهدها و يعتني بها ، حتى أينعت ثمارها, ألقت بجوزة على رأسه ، فشجته و قتلته. إن مجتمعا أصبحت فيه أشكال التعبير و البوح كلها عنيفة و مباشرة،
و غاب عنه العقل و حلت محله العاطفة البدائية، لجدير بأن يدفع الثمن هو أيضا .
– فهِمَمُ بعض الآباء لا تعرف إلا في الحرص على جمع ملف المنحة المدرسية 5000.00 د.ج و الجري و اللهث بين الإدارات و الوقوف في الطوابير الطويلة حتى يدفع الملف قبل انقضاء المهلة.
– آباء عجزوا عن إعطاء المثل الأعلى لأبنائهم فصارت بغيتهم أن ينجح أبنائهم بأي ثمن و مهما كان الثمن – و الضرورات أصبحت تبيح حتى المحظورات.
– ودموع الأمهات لا تذرف إلا عند محاولة إعادة تلميذ ساقط أو مطرود إلى مقاعد الدراسة، و إعطائه فرصة ثانية و ثالثة… و مائة دون فائدة هي إعادة غير مجدية.
– وأساتذة و معلمون ، بعضهم لا كلهم، أساءوا إلى المهنة النبيلة التي خلقهم الله لها، فمنهم من مارس الانتقام ، و غيره صار مبتزا مبتذلا، و منهم من جعل تلميذه ندا له.{ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (25) [الأنفال]
لكن الذي عليه أن يجد الدواء يتحمل نصيبه و قسطه الكامل من تفشي الداء، الوصاية، بهياكلها و مصالحها و ترسانة القوانين التي تتمترس خلفها، و مسؤوليتها المباشرة عن العملية برمتها، لهي الجديرة بإيجاد الدواء واستئصال الداء.
كما إن الفريق الإداري و البيداغوجي و على رأسه مدير المؤسسة التربوية لا يمكنه حمل المبضع و الشروع في العملية الجراحية لاستئصال الداء ، حتى يبدأ بجراحهم فيعالجوها أولا و لابد من جلد الذات و نقدها، و ليسألوا أنفسهم هم و فريقهم ، كم انجازا أو إعجازا قدموا ؟
مدراء مؤسساتنا التربوية هل هم جميعا في مستوى مهامهم؟ أليس فيهم المتمكن والمتميز وكذلك العاجز والفاشل والمنافق والمرائي ؟
و هل يراعون ضمائرهم في ممارسة مسؤوليته، لماذا تتسع الهوة بينهم و بين اساتذتهم يوما بعد يوم ؟
لماذا يهتمون بتنقية تقاريرهم و سجلاتهم، و يهملون تنقية أجواء مؤسساتهم؟
مؤسساتنا التربوية, لماذا نهتم بتجهيزها وتزيينها شكليا فقط ؟
–فالمكيفات موجودة و لا تكييف و المكتبات قائمة و لا كتب ولا مطالعة و خط الانترنت موجود ولا يوجد اتصال و الأجهزة تقبع في المخازن عرضة للغبار ولا أحد يلمسها أو يستخدمها خوفا من أن تتلف, ميزانيات الجمعيات الثقافية و الرياضية ضئيلة جدا ………. و لا ترفيه و لا نشاطات و لا رحلات…
اذا على المسؤولين في قطاع التربية تحمل مسؤولياتهم كاملة و تدارك الخلل الواقع في صميم ادارة عمومية عينتهم الدولة لتسييرها، ووضعها الله أمانة في أعناقهم، وليحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا – ورحم الله من أهدى إلي عيوبي –
ليس على المسؤول البحث عن لبن العصفور أو حل مشاكل العالم أو تحرير القدس من الكيان المحتل، و إنما العمل على تفعيل الآليات التي وضعتها الوزارة تحت تصرفهم، وإشراك الفاعلين الحقيقين في المجتمع لإنقاذ الوضع، و فتح أبواب لكل مبادرة تساعد في القضاء على ظاهرة الهوليجانز المدرسي والعمل على ترسيخ ثقافة الحوار، و ليضعوا نصب أعينهم أن الوطن الجزائري هو جسد واحد، إذا أصيبت تلمسان بالزكام، تداعت لها أدرار بالسهر و تندوف و باتنة بالحمى، و تمنراست و بجاية بالسعال. والسؤال الذي يبقى :كيف ستتلاشى ظاهرة الهوليجانز المدرسي و تندثر؟.
مرتبط