المبالغة في التكريمات…هل فقدت المدرسة بوصلتها
العابد الكنتي
2024-05-13
تربية, مستجدات تربوية
38 زيارة
هل فقدت المدرسة بوصلتها؟
ما ميز الموسم الدراسي الماضي وهذا الموسم الدراسي الحالي 2023-2024 هو المبالغة في الاحتفالية والتكريمات على مستوى جل المؤسسات التعليمية أفقيا وعموديا وهذا على حساب جودة التعليم والأداء التربوي. بل وصلت البهرجة الإعلامية
والبرستيج اماكن كنا نعدها لوقت قريب شبه مغلقة اعلاميا أو مقدسة تربويا. وهي مراكز التجميع والاغفال ومراكز التصحيح. أما مراكز اجراء الامتحانات الرسمية والمهنية فهي منذ فترة ليست بالقصيرة أضحت في صلب البهرجة.
لقد كانت المدرسة فيما مضى مكانا لتربية النشء وتعليمه قيم المجتمع والدين والعلوم وكان هذا هو جوهر العملية التربوية وكان تكريم النجباء وتحفيزهم من خلال احتفال واحد محوري في الموسم ألا وهو يوم العلم 16 افريل. حيث تحتفل كل المؤسسات التربوية عبر ربوع الوطن بهاته المناسبة لتكريم التلاميذ المتفوقين والمواهب في شتى المجالات وإبراز انجازات تلاميذ المدرسة وتكريم المتقاعدين من طاقمها التربوي والاداري. كان هذا الاحتفال احتفالا بهيجا وتربويا بامتياز من حيث تنظيمه أو سيره أو جوائزه. كان محوره العلم من معارض علمية وفنية وابتكارات ومعارض كتب وحتى الاناشيد كانت وطنية أو دينية تربوية هادفة ودون بهرجة ومبالغة في التكريم ودون نفاق ورياء أو تملق لأحد.
أما في وقتنا الحالي، فقد أضحت الاحتفالات والتكريمات في مدارسنا شبه يومية بسبب ودون سبب ولم تعد بسيطة وهادفة وتربوية وانما مكلفة ومبهرجة واحتفالية أكثر من اللزوم. الحاضر فيها ديكور بهيج وملابس أنيقة وازياء موحدة ومرطبات ومشروبات واحيانا أكلات شهية. وان ناقشت أحدهم فسيقول لك من أجل تحفيز التلاميذ وتشجيعهم أو يقول لك دعهم يفرحون بانجازاتهم ويستمتعون بوقتهم! وكأننا ضد ذلك. لا وألف لا…
لكن الحقيقة نحن على العكس من ذلك ندعم كل اجراء يشجع التلميذ ويحفزه على البذل والعطاء. لكن وجه الاعتراض هنا هو الطريقة والشكل والتكلفة لهاته الاحتفالات.
فتجد مدير مؤسسة لا يمكنك توفير وسائل تعليمية لاساتذته. ولايستطع تحليل نتائج تلاميذه خلال الفصول الدراسية وليس لديه أي فكرة حول مردود مدرسته وأداء أساتذته ثم تجده يوزع الشهادات التكريمية على الجميع دون استثناء وكأنها عطايا ملكية توزع على الرعية!
إن كثرة التكريمات في مدارسنا وتعميم توزيع شهادات التقدير والعرفان في كل مناسبة بداعي تقدير الجهود المبذولة، هي بدعة تربوية وتقليد مستهجن لانه سيولد بعد سنوات الاتكالية والانهزامية. ويرسخ سياسة (كل شيء أمليح وما عندناش مشاكل ) وعندها يتساوي الجميع في التقدير بحيث يصبح الجيد كالرديء والمنضبط كالمتسيب. لأن منح شهادة تكريمية لشخص ما، هي ليس تكريما له على عمله، والذى هو أصلا يتقاضى عليه اجرا من الدولة، وانما تكريما على الجهد الاستثنائي الذي قام به أو على العمل المتميز الذي قام به واستحق عليه التكريم لتميزه دون غيره فيه.
كما أنني أعتقد أنه لا يجب أن يكرم ألا من يستحق فعلا ذلك. أي شخص اجتهد وعمل كثيرا وسعى إلى التميز في عمله.
لهذا لا ينبغي تكريم الجميع دون استثناء سواء تلاميذ أو أساتذة وموظفين. كما يفعل البعض للاسف من خلال تكريم تلاميذ الفوج كله المتمكن منهم وغير ذلك بداعي جبر الخواطر. أو تكريم جميع الاساتذة والموظفين في المؤسسة دون تمييز .لأن المساواة لا تعني دائما العدالة.
نعم يجب جبر الخواطر بالكلمة الطيبة وبالفعل النبيل وبشكر كل من قام بعمله وبذل جهد في ذلك شكرا مستحبا عاما وقد يكون فرضا واجبا في الظروف الاستثنائية.
والخلاصة يجب أن نرجع البوصلة لمكانها وتستعيد مدارسنا جوهر مهمتها وهي التربية والتعليم ولاشيء آخر.
مرتبط